قش على جدار الزمن.. باكورة الأعمال السردية للكاتبة فاطمة عافي
"من بعيد يأتي صوت المؤذن.. يدعو إلى الصلاة.. صوت عميق كأنه يأتي من عالم غير هذا العالم..
شدني الصوت.. كأنني غبت.. سافرت.. طرت بعيدا.. تحررت..
لا أعرف كم مر علي من الوقت لكن ما أعرفه أنني شعرت كأن نورا يتسلل إلى أعماقي.. ينتشر شيئا فشيئا.. يفتح أبوابا كانت مغلقة.. يكسر زجاجا.. يحررني من سجني..
أحسست كأنني أصحو.. كأن الحياة تعود إلى جسمي الخامد وأن الغشاوة التي كانت تغطي عيناي قد أزيحت.. أصبحت الغرفة التي كانت غارقة في الظلام فجأة.. تسبح في الضوء..
لم أنتظر.. بهدوء دخلت إلى الغرفة، أبي ما زال نائما، لم يسمع الآذان بعد.. جلست أنظر إليه.. كم أحبه.. لا أظن أن هناك أبا كأبي في حنانه.. في تفانيه.. في تضحياته..
كأنه شعر بوجودي ففتح عينيه.. نظر إلي بفرح وقال: لا بد أن لديك شيئا مهما تريدين أن تخبريني به.. فأنا أعرف، هذه عادتك تنتظرين حتى أفيق فتخبريني.. هيا ما الأمر؟.."
بهذا الأسلوب السردي المحفز على الترقب لمعرفة ما سيكون، وبسلاسة ولغة سليمة، تعالج الكاتبة فاطمة عافي، في مجموعتها القصصية الصادرة حديثا، مشاكل وصورا حياتية يومية من صلب المجتمع المغربي.
تحمل المجموعة المطبوعة في شكل أنيق عنوانا دالا "نقش على جدار الزمن"، ويضم الكتاب بين طياته ثمانية عشرة قصة قصيرة، يتصدره إهداء مرهف الحس وعميق المعنى "إلى كل روح حائرة.. تائهة في دروب الحياة".
هكذا تجذب الكاتبة فاطمة عافي، ومنذ صفحة الإهداء، القارئ إلى عوالمها وأحداث قصصها الحبلى بالصور الشعرية والتشبيهات الأدبية الرائعة، ناهلة في ذلك من حياتها المهنية، حيث تشتغل الكاتبة أستاذة بمدينة طنجة منذ سنوات طويلة، وموظِفة أيضا خبرة كبيرة راكمتها عبر مساهماتها العديدة في كل من مجالي الصحافة والعمل الجمعوي المعني بالدفاع عن حقوق المرأة.
وكمحطة أولى، تم توزيع المجموعة القصصية "نقش على جدار الزمن" بمكتبات مدينة طنجة، على أن يتم في وقت لاحق توزيعها بمدن مغربية أخرى. وحرصا منها على التواصل المباشر، لم يغب عن الكاتبة وضع بريدها الإلكتروني على غلاف كتابها من أجل إشراك القارئ في إبداعاتها، وفتح المجال لحضوره وتوقيع مروره بين ثنايا نقشها.
(للتواصل مع الكاتبة: fattian@hotmail.fr)